مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2235 - الجزء 4

  الشرط الثاني: أن يكون من فعل الله تعالى، أو جارياً مجرى فعله: فالأول: هو ما لا يدخل جنسه تحت مقدورنا كإحياء الموتى، وقلب العصا حية.

  والثاني: كوجود الكلام في الشجر ونحوه، وإنما اعتبرنا ذلك؛ لأن الله تعالى هو المصدق لدعوى المدعي، فإذا لم يكن التصديق فعله أو جارياً مجراه لم نعلم أنه تعالى قد صدق دعواه؛ لجواز أن يكون منفعل غيره؛ وظاهر كلام الإمام المهدي أن هذا الشرط متفق عليه.

  قلت: أما كون الجاري مجرى فعله متفقاً عليه، ففيه نظر، فإن ظاهر كلام صاحب المواقف، والقرطبي أنه يشترط أن يكون مالا يقدر عليه إلا الله، واحتج له القرطبي بأن مدعي الرسالة لو جعل معجزته أن يتحرك، ويسكن، ويقوم، ويقعد لم يكن هذا الذي ادعاه معجزة له، ولا دالاً على صدقه: لقدرة الخلق على مثله، قال: وإنما المعجزات كفلق البحر، وانشقاق القمر، وما شاكلهما مما لا يقدر عليه البشر. وهي حجة ضعيفة كما لا يخفى، وحكى القرشي الخلاف فيذلك عن اليهود، فقال: وقد زعمت اليهود أنه لا بُدَّ أن يكون مما يختص الله بالقدرة عليه، ولا يدخل جنسه تحت مقدورنا قال: وهو باطل؛ لأن الغرض بالمعجز التصديق، وذلك كما يحصل بما يختص الباري بالقدرة عليه فقد يحصل بما يجري مجرى ذلك؛ ويوضحه أن معجزات موسى # فلق البحر، ونتق الجبل، وهي من الأجناس المقدورة للخلق