مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [إثبات نبوة سيدنا محمد ÷]

صفحة 2237 - الجزء 4

  ودليل ذلك أن الملك يصدقني بفعل من أفعاله وهو أن يخرج خاتمه من يده قاصداً بذلك تصديقي، فإذا سمع الملك كلامه إياهم ودعواه فيهم، ثم فعل ما استشهد به على صدقه كان ذلك قائماً مقام قوله: صدق فيما ادعاه عليّ، فكذلك إذا عمل الله عملاً لا يقدر عليه إلا هو وخرق به العادة على يد الرسول فإنه يقوم مقام كلامه تعالي لو أسمعناه، وقال: صدق عبدي في دعوى الرسالة، وأنا أرسلته إليكم فاسمعوا له وأطيعوا.

  واعلم: أن المراد بكونه خارقاً للعادة أن يكون خارقاً لعادة من هو بين ظهرانيهم وإن لم يكن خارقاً لعادات الخلق على الإطلاق، وإن كان في المعجزات ما هو كذلك⁣(⁣١) ومثال ما ذكرناه نزول الثلج فإنه خارق للعادة فيما كان من الأقطار شديد الحر، خصوصاً في أيام القيض، وكاللسان العربي حيث تكون الولادة والنشأة في بلاد السودان، وقد يكون نقض العادة في زمان دون زمان، كأن تحصل ثمرة وتدرك في غير وقتها.

تنبيه [في أن المعجز لا يكون مقدوراً]

  قال في (المواقف وشرحها): وشرط قوم في المعجز أن لا يكون مقدوراً للنبي؛ إذ لو كان مقدوراً له كصعوده إلى الهواء، ومشيه على الماء لم يكن نازلاً منزلة التصديق من الله تعالى، وليس بشيء؛ لأن قدرته مع عدم قدرة غيره عادة معجز.


(١) أي خارقاً لعادات الخلق كالقرآن، وقلب العصا حية، وغير ذلك. تمت مؤلف.