مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2239 - الجزء 4

  فأما لو ظهر عليه معجز عقيب الدعوى ولم يدعه فإنه لا يكون معجزاً له، ولذا قالوا في حد المعجز هو: الفعل الناقض للعادة، المتعلق بدعوى المدعي للنبوة، وخالفهم صاحب الغياصة فقال: الأولى أن الذي يظهر على يده المعجز بعد دعوى النبوة يكون معجزة وإن لميدع ذلك، ولذا عدل عن قولهم في الحد: (المتعلق بدعوى المدعي للنبوة) إلى قوله: (على يد مدعيها) كما مر، إذ لو لم يكن معجزاً لكان فعله عبثاً، أما لو ادعي خارقا فوقع خارق آخر عكس المدعي فلا شك أنهلا يدل على صدقه، وفي كلام بعض أصحابنا أنه ربما دل علي كذبه.

  قال السيد مانكديم: وفي أصحابنا من ذهب إلى أن المعجز إذا لم يكن مطابقاً للدعوى وكان بالعكس فإنه يدل علي التكذيب، كما حكي عن مسيلمة أنه تفل في بئر ليفور ماؤها كما سمع عن النبي ÷ فغار ماؤها.

  قال السيد: وذلك مما لا أصل له عندنا، وما هذا حاله فلا يجوز على الله تعالى؛ لأنه إذا أراد تكذيب شخص كان يمكنه ذلك بأن لا يظهر عليه المعجز عقيب دعواه، وإحداث شيء آخر - والحال ماقلناه - يكون عبثا لا فائدة فيه.

  قلت: وظاهر كلامه أنه لا يجوز من الله إظهار معجز آخر غير مطابق للدعوى؛ لأنه عبث، فيكون ما تقدم في المثال من نتق الجبل ممالا يجوز فعله؛ لأنه عبث، والذي ينبغي الاعتماد عليه أن يقال: للمعجز صور:

  إحداها: أن يدعي أمراً خارقاً للعادة يكون شاهداً بصدقه