مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2246 - الجزء 4

  بالدلالة على صدق غيره، فيجوز أن يكون من الأمور الاتفاقية، والآيات الربانية، التي لم يقصد بها التصديق لشخص دون آخر؛ لعدم الخصوصية كما ذكرنا.

  الثالث: أنه لو جاز تقدمه للزم تجويز كون المعجز الواقع عقيب الدعوى معجزة لنبي آخر سيأتي لا لمن ظهر على يديه؛ لأنه يصلح أن يكون لكل واحد منهما؛ لجواز التقدم، فلا يقطع بكونه لأحدهما دون الآخر، فإذا كان تقدمه يؤدي إلى القدح في كونه تصديقاً قطعنا بامتناعه. واعترضه النجري وغيره بأنه إنما يلزم ذلك لو قيل: إن المتقدم دال على الصدق، وأما إذا لم يجعل كذلك، وإنما قيل: إنه إرهاص - فلا بد أن يكون تقدمه من قبيل الألطاف الباعثة على تصديقه في المستقبل.

  قلت: وبهذا يجاب عما في الوجه الأول من عدم التعقل ولزوم العبث.

  احتج أبو القاسم بما مرَّ من قصة الفيل والغمامة، وقال: هما آيتان معجزتان تقدمتا إرهاصاً لبعثته في المستقبل، واحتج أيضاً بكلام عيسى في المهد.

  والجواب: أما الفيل فلا حجة فيه كما مرَّ، وأما الغمامة فليست معجزة تدل على صدقه بنفسها، وإنما هي أمارة كون المعجز المتأخر دالاً على الصدق، ولا يمنع منه عقل ولا شرع، فهو من قبيل الألطاف؛ لأن في تقديمها تقريباً إلى تصديق ما ادعاه، وتنبيهاً على أنفيه سراً سيظهر مثل ما ظهر عليه من الأمارات عند مولده #