تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  وأيام صباه، حتى كان بعضهم يتوسم فيه الخير، ويقول: إن له شأناً، وأما كلام عيسى # في المهد فهو بنى الاحتجاج به على مذهبه في أنه ليس بنبي، وأما على مذهب البصرية ومن وافقهم في أنه نبي في المهد فلا حجة له فيهه هذا، ولا يخفى أنه لا يتحقق خلاف من جهة المعنى بين الجمهور، وأبي القاسم؛ لأنه يوافقهم في أن المتقدم لا يكفي في الدلالة على صدق الدعوى، وإنما هو إرهاص من قبيل الألطاف، والجمهور لا يمكنهم مخالفته في ظهور ما ظهر من كرامات نبينا ÷ قبل بعثته الدالة على عظم شأنه، وعلو مكانه، وليس النزاع إلا في تسمية مثل ذلك معجزاً؛ فالخلاف لفظي.
  احتج الإمام القاسم على أن المتقدم إذا لم يكن معرفاً فليس بمعجز بأنه لا دليل على كونه معجزاً، وعلى(١) كونه معجزاً إن عرف بأن الفائدة تحصل به، وهي الشهادة على صدق مدعي النبوة كما تحصل بالمقارن، فلا وجه لمنعه.
  فإن قيل: المتقدم يصير في حكم المنسي.
  قيل: لا نسلم؛ إذ يجب على الذين عرفوه وظهر لهم تذكره في كل وقت، كما يجب عليهم تذكر أحوال النبي المتقادم عهده الذي لم تنسخ شريعته؛ لأنه يجب على كل عاقل أن يعلم أنه لا بد لله من حجة يظهرها تدعو إليه، وتبين ما يريده من عباده.
(١) عطف على قوله: (على أن المتقدم ... إلخ) أي: واحتج الإِمام القاسم على كونه معجزاً إنعرف ... إلخ. والله أعلم. تمت.