مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2254 - الجزء 4

  معرفة جنسه - فيصبر بعده عن الطعام أياماً، وإنما فعل ذلك إيهاماً للعوام أنه ممن راض نفسه حتى صارت تصبر عن تناول الطعام تلك المدة، ويروى أن ابن الزبير كان يصوم واصلاً قدر خمسة عشر يوماً مع أنه كان من أقوى أهل زمانه، وليس ذلك إلا بالتعود للصبر والممارسة؛ ومما يؤكد ذلك، ويوضحه ما ذكره صاحب الغياصة⁣(⁣١) عن نفسه، وذلك أنه قال: ولقد شاهدت من ذلك - يعني الشعبذة - عجباً، في السنة التي حججت فيها إلى بيت الله الحرام رأيت رجلاً عظيما لشبعذة، رأيت منه أنه يتعلق بحبل في مباني الحرم الشريف من واحدة إلى أخرى، وهو مع ذلك مستلقٍ على ذلك الحبل، ومرة يقعد عليه كما يقعد المتكئ على الأرض ومعه آخر ربما قعد أحدهما على الحبل ويأتي الآخر على فخذه فيما أحسب أعني قعوده على فخذه، فأما غير ذلك فتحقيق لي، قال: وسألت عن ذلك؟ وما سببه؟ فقيل: هما رجلان من الهند، وذلك منهما اعتياد وممارسة.

  قلت: فثبت بما ذكرنا أن مثل ذلك لا يعارض به المعجز؛ لأنه لا يكون إلا بتعلم وممارسة وشروط، وكذلك القول في السحر، فإنه لا يحصل إلا بشروط مخصوصة، في أوقات مخصوصة، ولا يكون بحسب الاقتراح، بخلاف المعجزات.

  الوجه التاسع: اتفاق الأنبياء على التوحيد والدعاء إلى الله والترغيب فيما لديه، الأول منهم يبشر بالثاني، والثاني يؤمن بالأول لا ينقم أحدهم على الآخر، ولا ينقصه، وأرباب السحر والشعبذة،


(١) الدواري. تمت مؤلف.