الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد
  أو الاستدلال على نسبة الفعل إليهما بدليل آخر، وهو وقوعه بحسب قدرتهما، ولا يحتاج إلى إثبات الداعي المقدر في حقهما. والله أعلم.
  إذا ثبت هذا فاعلم أن هذه الحجة قد اشتملت على أصلين لا بد من بيانهما، وإقامة الحجة القاطعة على كل واحد منهما:
  الأصل الأول: أن هذه التصرفات يجب حصولها وانتفاؤها بحسب دواعينا وصوارفنا، ودليله أن أحدنا إذا دعاه الداعي إلى القيام حصل منه القيام على طريقة واحدة، ووتيرة مستمرة بحيث لا يختلف الحال فيه، وكذلك لو دعاه الداعي إلى الأكل بأن يكون جائعاً وبين يديه ما يشتهيه، وهذا يدل دلالة واضحة على أنها موقوفة على دواعينا وتقع بحسبها، وكما تقف على دواعينا تقف على قصودنا أيضاً، وعلى آلاتنا، والأسباب الواقعة من جهتنا، ألا ترى أن قولنا محمد رسول الله لا ينصرف إلى محمد بن عبد الله دون غيره من المحمدين إلا بإرادتنا، والكتابة الحسنة تقف على كمال الآلة من الأقلام وغيرها، والألم يقع بحسب الضرب يقل بقلته، ويكثر بكثرته، فصح حاجة هذه التصرفات إلينا، وتعلقها بنا على الحد الذي ادعيناه، وقد قال الإمام (المهدي) #: إن العلم بوقوع أفعالنا بحسب دواعينا وصوارفنا ضروري لا يحتاج إلى الاستدلال، وإنما الذي يحتاج إلى الدليل هو معرفة أنا الموجدون لها، قالوا: فعل الملجأ يقع بحسب قصد الملجيء وداعيه، ثم لا يدل عندكم على أنه فعله، وسير الدابة تابع لقصد الراكب، ونعيم أهل الجنة تابع لاختيارهم، واللون الحادث