مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2275 - الجزء 4

  ولذا قال: «أنا أفصح العرب» ويكون الحال فيه ÷ كالحال في أهل الحرف والصناعات، فإنه قد يوجد فيهم من لا يساويه أحد في الحرفة المعينة التي اشتركوا في صناعتها.

  والجواب من وجهين:

  أحدهما: ما أجاب به الرازي، والسيد مانكديم، وغيرهم. وهو أنا نعلم ضرورة أن الرجل لا ينشأ في العرب، ويأخذ اللغة عنهم ثم يأتي بما يعجزون عنه جميعاً، يعلم ذلك بالعادة المستمرة، وضعفه الإمام المهدي، وقال: لا مانع من ذلك، فإن العمارات التي من أساس المتقدمين من التبابعة وغيرهم لا يقدر أحد من أهل الأزمنة المتأخرة على مثلها ضرورة، ولا يُعدُّ ذلك معجزة قطعاً، وكذلك كثير من الفصاحات والصناعات، لا يبعد عجز أبناء جنس من اختص بهما عنهما.

  قلت: وفيه نظر فإن عجز المتأخرين إنما كان لنقص بنائهم وقواهم عن أولئك المتقدمين، فكأنهم ليسوا من أبناء جنسهم، ولو قدرنا في المتأخرين من يساويهم في ذلك لم نقطع بالاستحالة، وهذا بخلاف الحرفة والفصاحة، فإن أبناء الجنس موجودون، فلا يبعد أن يوجد فيهم من يقدر على مثل فعل هذا المختص.

  قوله: ولم يكن ذلك معجزا.

  قلنا: إنما لم يعد معجزة لعدم اقتران دعوى النبوة به، ولو قدر فعله من أحد المتأخرين وقارنهُ دعوى النبوة لكان معجزاً؛ لأنه فَعَلَ خارقاً بالنسبة إلى المبعوث عليهم، وادعاه شاهدا.