مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد

صفحة 219 - الجزء 1

  عند الضرب يقل بقلته ويكثر بكثرته، وبياض القبيطا⁣(⁣١) يقع بحسب الضرب من جهتنا، وليس البياض فعلنا، وسواد الحبر يقف على أحوال خلط الزاج بالعفص، والحرارة الحادثة عند حك إحدى الراحتين بالأخرى يقل بقلته ويكثر بكثرته، ولا يدل شيء من ذلك على أنه واقع من جهتنا ومتعلق بنا، فكذا في مسألتنا.

  والجواب: أما فعل الملجأ فهو واقع بحسب قصده وداعيه، لكن وافق ذلك قصد الملجئ وداعيه، وكذلك الكلام في الدابة، ولذا لو أراد بها الإقدام على السبع أو الحية لأبت ذلك، وأما نعيم أهل الجنة فليس بحسب قصودهم ودواعيهم، ولهذا لو دعا أحدهم الداعي إلى أن يبلغ درجة الأنبياء لما حصل له ذلك، فصح أنه واقع بحسب إرادة الباري تعالى.

  وأما اللون الحادث عند الضرب، فإنما هو لون الدم انزعج بالضرب وليس بحادث، وقد ذهب البغداديون إلى أنه متولد عن الضرب، ويبطله أنه كان يلزم أن يولد الضرب في الجماد؛ لأن المحل محتمل، والسبب حاصل ولا مانع، والمعلوم خلافه، فإن قيل: أليس إن الضرب لا يجب أن يولد الألم في الجماد وإن ولده في الحي، فهلّا جاز مثله في اللون.

  قيل: إنما لم يصح في الألم لأن الضرب إنما يولده بشرط انتفاء الصحة، وهذا إنما يتأتى في بدن الحي، وليس كذلك اللون،


(١) القبيطا ضرب من الحلوى. تمت مؤلف.