مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2308 - الجزء 4

  لفصاحة القرآن معجبين بها عجباً عظيماً، حتى قال الوليد بن المغيرة لما تلا عليه النبي ÷ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...} الآية [النحل: ٩٠]: والله إن له حلاوة، وإن عليه لطلاوة⁣(⁣١)، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، ما هذا بقول بشر أخرجه البيهقي عن عكرمة مرسلا، وأخرجه في الشعب بسند جيد عن ابن عباس، وكذا ابن إسحاق في السيرة، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب بغير إسناد إلا أنه قال خالد بن عقبة بدل الوليد.

  وحكى أبو عبيد أن أعرابياً سمع رجلاً يقرأ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}⁣[الحجر: ٩٤] فسجد وقال: سجدت لفصاحته.

  وفي حديث إسلام أبي ذر وقد وصف أخاه أنيساً فقال: (والله ما سمعت بأشعر من أخي لقد ناقض اثني عشر شاعراً في الجاهلية أنا أحدهم، وإنه انطلق إلى مكة وجاء إلى أبي ذر بخبر النبي ÷ قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقول: شاعر، كاهن، ساحر، لقد سمعت ما قال الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعته على أقرأ الشعر فلم يلتئم، وما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، وإنه لصادق وإنهم لكاذبون)، أخرجه مسلم وغيره، والأخبار في هذا المعنى صحيحة كثيرة.

  الوجه الخامس: أنهم لو كانوا يقدرون على مثله وإنما صرفوا عنه لكانوا يتعجبون من تعذره عليهم بعد أن كان مقدوراً لهم، كما أن نبياً


(١) بضم الطاء ويجوز فتحها وكسرها ومعناها الحسن والقبول والرونق، تمت مؤلف.