مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2314 - الجزء 4

  بعبارة كان أو إشارة؛ ولهذا استضعف الإمام المهدي نسبة هذا القول إلى أحد من العلماء فقال: والذي عندي أنه لا يقول أحد أن وجه الإعجاز في القرآن الإخبار فيه بالغيب. واحتج بما مرَّ في الوجه الثالث من لزوم كون كل خبر متضمن للإخبار بالغيب معجزاً، ثم قال #: فالأقرب عندي أن صاحب هذا القول أنكر كون القرآن معجزة لدخول الكلام الفصيح تحت قدرة البشر وعدم القطع بعجز كل العالم عن مثله، لكنه متضمن للإعجاز من وجه آخر، وهو تواتره متضمناً للإخبار بالغيب، فكان طريقنا إلى إثبات نبوته ÷ تواتر إخباره بالغيوب ولم تتواتر إلا في القرآن؛ فجعلناه دليل النبوة لكن لا من حيث كونه معجزة في نفسه بل لتضمنه الإخبار بالغيب وهو معجزة، ولم يجعل سائر الإخبار بالغيب طريقاً إلى إثبات النبوة لعدم تواترها إلينا ولو تواترت لكانت مثله في الدلالة على النبوة، وكذلك التوراة والإنجيل لو تواترت لكانت معجزة لما فيها من الإخبار بالغيب لا من حيث أنه لا يقدر أحد على مثل كلامها.

  قال #: فهذا تحقيق هذا المذهب عندي لا ما حكاه العلماء من الاطلاق فإنه لا يقوله بعض العوام فضلاً عن العلماء.

  أقول: أما كون ما تضمنه القرآن من الإخبار بالغيب معجزاً بالمعنى الذي ذكره الإمام المهدي فمما لا ينبغي الخلاف فيه، وذلك أمر لا يختص القرآن؛ ولذلك تجد العلماء إذا ذكروا حديثاً يتضمن الإخبار بأمر مستقبل ثم وقع على وفقه يقولون: هذا من معجزات النبي ÷. والإمام المهدي ممن نص على ذلك،