مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2315 - الجزء 4

  ففي شرحه على القلائد: إن القرآن متضمن ثلاث معجزات كل واحدة منها لو استقلت لكانت كافية في الدلالة على صدق النبي ÷ وهي: فصاحته الخارقة، والإخبار بالغيب، والإخبار عن القرون الماضية، وقال في الأساس وشرحه: وأما الإخبار بالغيب فهو معجزة أخرى مضافة إلى معجزة البلاغة، وقد مرّ عن القاضي عياض أنه لا نزاع في ذلك، وهو الذي يقتضيه ما مر من جواز تراخي المعجزة.

  فإن قيل: كيف يكون الإخبار عن الغيب معجزة وقد ظهر الإخبار به عن الكهنة والمنجمين ونحوهم؟

  قيل: لأن النبي ÷ لم يظهر عنه في جميع إخباراته بالغيوب شيء من الاختلاف، وهؤلاء إن صدقوا مرة كذبوا عشراً؛ فدل ذلك على أنهم لم يأخذوا خبرهم عن الله عالم الغيب والشهادة وإلا لاستمر صدقهم كما استمر صدقه، وقد أخبرنا الله تعالى أن ذلك من أعظم المعجزات، حيث قال: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ...} الآية [البقرة: ٣١].

  قال الإمام المهدي: ولا شك أن ما عرفنا أنه إخبار عن غيب ليس بمستدل عليه بالعادات التي أجراها الله تعالى عند الطوالع، ولا جعلها خاصة لبعض الأجسام، ولا من طريق استراق الشياطين للسمع - فهو معجز قطعاً، لكنا لا نعلمه معجزاً إلا بعد العلم بأنه غير مأخوذ عن أحد هذه الطرق.