تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  قلت: وأما أهل السنة فأجابوا عن هذا الوجه بأن أفعاله تعالى لا تعلل بالأغراض والفوائد، لا يسأل عما يفعل، وقد مرَّ إبطال مقالتهم هذه في الفاتحة.
  الوجه الثاني: أنه لا يعد الشيء ويدخره إلى وقت طويل إلا من يعجز عن إبداعه وقت الحاجة إليه، والله تعالى لا يعجزه شيء.
  وجوابه كالأول وهو: أنه يجوز أن يكون في خلقهما لطف.
  ووجه آخر وهو أنه لا مانع من أن يكون في إعدادهما حكمة ومصلحة لا نعلمها. وهذان الوجهان العقليان إنما يفيدان القطع بعدم خلقهما عند غير أبي هاشم، وأما هو فعنده أنه يجوز من جهة العقل كونهما قد خلقتا وكونهما لم يخلقا، وإنما وجب القطع بعدم خلقهما سمعاً فقط.
  الوجه الثالث: ورود الأدلة السمعية بذلك وهي كثيرة:
  منها: قوله تعالى في وصف الجنة: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}[الرعد: ٣٥] والدائم لا يجوز عليه الفناء، وقد قامت الأدلة القاطعة على أنه لا بدمن فناء العالم أجمع، فلو كانتا مخلوقتين للزم فناؤهما، والفناء يناقض الدوام فوجب القطع بعدم خلقهما، وأن الجنة التي أسكنها آدم غير جنة الآخرة الموصوفة بالدوام جمعاً بين الأدلة.
  ومنها: قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم: ٤٨] ولو كانتا مخلوقتين لما كانتا إلا في السماء أو في الأرض، وإذا كانتا فيهما فكيف تبدل السماء والأرض دونهما.