تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  عن جهة من هما معدودتان له مع العلم بوصولهما إليه، فكما أنا نعلم ضرورة أن تباعدهما لا يمنع كونهما معدودتين له مع العلم بوصولهما إليه كذلك فناؤهما والحال هذه، ومثاله أن تعد لبهيمتك علفاً في جهة بعيدة عن جهتها بمسافة طويلة وأنت تعلم أنها تصل إلى ذلك العلف وأخبرت غيرك بذلك فإن المعلوم أنه يصدقك؛ فصح أن تخلل العدم لا يمنع كونهما معدودتين، وإنما يمنعه لو لم يعادا بأعيانهما. كما في المثال الذي ذكرتموه.
  وأما تأويلكم للآية الأخرى فنقول: تلك الجنة التي ادعيتموها لا دليل عليها ولا ملجئ إلى ذلك التأويل؛ لما ذكرناه من عدم القطع بفناء العالم، ومن أن القطع به لا يمنع القطع بوجودهما، ثم إنه مخالف للإجماع.
  الوجه الثاني: أن الأحاديث الصحيحة الكثيرة المشهورة دالة على وجودهما، قال الحسن بن يحيى، ومحمد بن منصور: الجنة والنار مخلوقتان قد خلقهما الله تعالى اتصل بنا ذلك عن رسول الله ÷ وعن علماء أهل البيت $.
  وقال (الحسن بن يحيى) أيضاً: والآثار المشهورة عن النبي ÷ أنه دخل الجنة حيث أسري به إلى السماء، وأري النار ومن فيها، فذلك دليل على إبطال قولهم، ولا سبيل إلى ترك التنزيل بقول التأويل المبطل مع أخبار كثيرة مشهورة متسق بها الخبر، أثبتها العلماء عن النبي ÷ في إثبات خلق الجنة والنار. ذكره في (الجامع الكافي).