تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و
  إنما كان في حالين لا في حالة واحدة، فالذي فرضه من صحة اعتقاد الثواب من جهة والعقاب من جهة عائد في التحقيق إلى أنه كان مستحقاً للثواب ثم استحق العقاب، فأما أن الاستحقاقين ثابتان معاً في الصفحة السابقة في حالة واحدة فلا لما مرَّ من استحالتهما كاستحالة الضدين والنقيضين، فكما أنه لا يصح اعتقاد ثبوت الشيء ونفيه لاستحالة اجتماعهما كذلك اعتقاد استحقاق الثواب والعقاب في حالة واحدة، وكذلك العزم على إيصالهما لا يصح؛ لأنا نعلم ضرورة استحالة إيصالهما إليه في وقت واحد، فكيف يصح العزم على ما عُلمت استحالته، فإذا كانا مستحقين في كل وقت وعلم استحالة اجتماعهما في وقت واحد من فاعل واحد علم يقيناً تساقطهما وهو معنى الإحباط والتكفير.
  فإن قيل: إن أحدنا يعلم حسن مدح الكافر على إحسانه، وحسن ذمه علي كفره؛ لاختلاف الوجه، فبطل دعوى تنافي الاستحقاقين.
  قيل: لا نسلم حسن المدح مطلقاً فإنه إنما يحسن ويجب من شكر الكافر على إحسانه الاعتراف فقط، دون التعظيم فلا يستحقه؛ لأن فعله مستحيل؛ لمنافاته ما يجب من الإهانة له والاستخفاف به لأجل كفره في كل وقت؛ إذ كل وقت يقع فيه التعظيم فهو وقت للإهانة، وإذا استحال اجتماع فعلهما استحال اجتماع استحقاقهما.
  الوجه الثاني: أن الله تعالى وعدنا بالثواب ترغيباً، وتوعدنا بالعقاب زجراً وترهيباً، والواجب في الترغيب أن يكون بمنافع خالصة