تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و
  وأما الأدلة السمعية فنحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}[الأعراف: ١٤٧] وقوله تعالى للمؤمنين: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ}[الحجرات: ٢] إلى غير ذلك مما سيأتي من الآيات والأخبار، وإذا كان الإحباط ثابتاً صحَّ ما ذهب إليه العدلية من أنه يشترط في استحقاق الجنة التي وعد الله بها الذين آمنوا وعملوا الصالحات عدم الإحباط كما مرَّ، وأن ذلك الشرط وإن لم يصرح به في هذه الآية ونحوها فهو كالمصرح به؛ للعلم به.
  قال الزمخشري: لما جعل الثواب مستحقاً بالإيمان والعمل الصالح، والبشارة مختصة بمن يتولاها، وركز في العقول أن الإحسان إنما يستحق فاعله عليه المثوبة والثناء إذا لم يتعقبه بما يفسده ويذهب بحسنه، وأنه لا يبقى مع وجود مُفْسِدٍةٍ إحساناً، وأعْلَمَ بقوله تعالى لنبيه ÷ وهو أكرم الناس عليه وأعزهم: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] وقال تعالى للمؤمنين: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ}[الحجرات: ٢] وكان اشتراط حفظهما من الإحباط والندم كالداخل تحت الذكر(١)، هذا، وأما المنكرون للإحباط فلهم شبه عقلية، وسمعية، أما العقلية فذكر الرازي لهم ثلاث شبه، وظاهر كلامه أنه ممن يقول بنفي الإحباط، كما يعرف في جوابه على هذه الشبه، وقد صرح بنسبة ذلك إليه الإمام المهدي.
(١) الكشاف ج ١ ص ٥٢، الطبعة الأولى.