الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد
  لكانت علماً، فنقول: قد جعلتم الداعي من جهة الله تعالى أحد الأسباب، على أنه لا يلزم إلا لو كان الاعتقاد من فعل الله تعالى، وقد نصت البهشمية على أنه لا يصح أن يكون الاعتقاد من الله، وحينئذٍ فنقول: الاعتقاد من النائم والداعي يجوز أن يكون من الله، وأن يكون من غيره كما قلتم فلا محذور، على أن الإمام (المهدي) # قد اعترضهم فقال: في إطلاق أصحابنا إنه لا يكون من الله لكونه جهلاً نظر لقوله ÷: «لم يبق من الوحي إلا الرؤيا»، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ}[الإسراء: ٦٠]، وقولهم: إنه قد يكون من الله.
  قال #: فالأولى أن يقال: الرؤيا تصور يصرف النائم ذهنه إليه إما ابتداء، أو يدعو إليه خاطر من الله، أو من ملك بأمره، أو من شيطان فيفعله الله بمجرى العادة، وذلك التصور علم ضروري فلا يقبح بحال، وأما إيجاده الظن فإن جعلناه من جنس الاعتقاد كما هو رأي أبي هاشم فالكلام فيه كما مر، وإن جعلناه قسماً برأسه منعناه من النائم؛ لأنه لا يكون إلا عن أمارة، إلا عند ابن متويه فإنه أجاز صدوره لا عن أمارة.
  قال: لأن من زال عقله بنوم أو جنون وقعت منه ظنون لا أمارة لها، وهو يُؤول إلى أن داعي النائم إذا كان ظناً لا يحتاج إلى داع، فيبطل قولهم إنه يصير علماً أو يتسلسل، على أن الإمام المهدي قد قال: إن التجويز فعل الله قطعاً لأنه علمان ضروريان، وهما أنه ليس في العقل ما يحيل ثبوت الشيء ولا نفيه، وهو لا يكون إلا من الله،