تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و
  وقت بثبوته أولى من وقت، وذلك يعود على ثبوته بالنقض؛ لأنه إذا لم يكن وقت أولي من وقت كان تخصيص ثبوته بوقت دون وقت تحكماً محضاً.
  الجهة الثانية: في إبطال القول بأن الاستحقاق يتعلق بالموافاة ولنا في إبطاله وجوه:
  أحدها: حسن المدح للمطيع والذم للعاصي ولعنه عقيب الفعل، وهذا معلوم، وهو مجمع عليه.
  فإن قيل: ألستم تمدحون فاعل الطاعة وتذمون مرتكب الكبيرة وإن غابا عنكم وجوزتم عدم استحقاقهما كذلك، فلم لا يجوز أن يمدح أو يذم من نشاهد منه الطاعة والمعصية، وإن جوزنا عدم استحقاقه لذلك؟
  قيل: إنما يمدح ويذم الغائب بشرط كونه مستحقاً لذلك، بخلاف من شاهدنا منه ذلك وعلمناه منه، فإنا نمدحه ونذمه ونلعنه قطعاً لا لشرط فلو لم يكن مستحقاً لم يحسن شيء من ذلك؛ فثبت أن الموافاة لو كانت شرطاً في الاستحقاق لم يحسن ذلك؛ لعدم حصول شرطه الذي هو الاستحقاق، وكذلك يقال لا لو كان العلم بالموافاة شرطاً؛ لأنا لا نعلم أنه يوافي بذلك، فلم نستيقن شرط استحقاقه للمدح والذم.
  فإن قيل: هذا الوجه مبني على القطع بحسن مدح المطيع وذم العاصي في الحال، ونحن لا نسلم ذلك.