تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و
  قيل: قد عرّفناك أنه مجمع عليه، قال الموفق بالله: وربما بلغ المخالف فيه حداً يعلم خلافه(١)؛ لأنه معلوم ضرورة حسن ذم الكفار من عبدة الأوثان والمكذبة به عليه الصلاة والسلام، وكذلك الذين يسعون في الأرض بضروب من الفساد على أهل الإسلام وإن اعتقدوا الإسلام كتخريب المساجد، وقتل ذراريهم وما شاكله، فلا معنى للخلاف فيه.
  قلت: وكذلك يعلم ضرورة حسن مدح الأنبياء والصالحين.
  الوجه الثاني: أنه قد وجب علينا إقامة الحدود على وجه النكال وهو الإهانة، من دون شرط، فلو لم تكن مستحقة لم يحسن إقامتها، وقد نصَّ الله تعالى على أن ذلك عقوبة على المعصية في قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}[المائدة: ٣٨].
  فإن قيل: نحن إنما نمنع أن يكون ما ينالهم في الآخرة مستحقاً في الدنيا، والآية إنما تدل على استحقاقهم لهذا العذاب الكائن في الدنيا، ونحن لا ننكره.
  قيل: قد دلَّ هذا الدليل على أن العذاب استحق عقيب فعل المعصية، وأنها التي اقتضت استحقاقه، وهذا الاستحقاق الذي لأجله وقع العذاب في الدنيا هو بعينه الذي يقع لأجله العذاب في الآخرة، فهو استحقاق واحد، وليس باستحقاقين فتفرقون بينهما، وإنما عجل بعض المستحق وتأخر بعضه، ولا مانع من ذلك.
(١) يعني أنه يكون منكراً للضرورة. تمت مؤلف.