مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و

صفحة 2368 - الجزء 4

  الجهة الثالثة: في إبطال كون العلم بالموافاة شرطاً في الاستحقاق ولأصحابنا في إبطال ذلك وجوه:

  منها: ما هو داخل فيما تقدم ومأخوذ منه. ومنها: أنه لو كان لا يستحق العقاب على المعصية إلا إذا علم من حال فاعلها أنه يوافي لها لوجب فيمن بشره النبي بالجنة أن لا تجب عليه التوبة من الكبائر؛ لأن المعلوم من حاله أنه لا يوافي بها، فلا يستحق عليها عقابا.

  فإن قيل: إنما وجبت التوبة لأنه قد يظن الموافاة بالمعصية.

  قيل: لا ظن مع بشارة نبي.

  ومنها: أنه لو كان العلم بالموافاة شرطاً في استحقاق العقاب للزم مثله في التوبة، فيشترط في زوال العقاب بها العلم بالموافاة، فيجب حينئذٍ إذا تاب ثم عاد أن يكون في حكم من لم يتب لعدم العلم بالموافاة بها.

  قال الإمام المهدي: بل كان يجب على هذا القول إذا كان المعلوم أنه يوافي بالمعصية أن لا يحسن تكليفه بالتوبة؛ لأنه لا يمكنه إزالة العقاب المستحق، ولا سبيل له إلى ذلك بالوقوف إسقاط التوبة إياه على العلم بالموافاة، ولا يأمن من معاودة المعصية بعد التوبة، فتكون الموافاة بالمعصية، وحينئذٍ لا يكون للتوبة ثمرة؛ لعدم القطع بنفعها له، لا في الحال ولا في المآل، بل العبرة بما أفضت إليه العاقبة، فلا يحسن إيجابها، بل لا يكلف إلا بما يحسن التكليف به، وإذا كان هذا القول يؤدي إلى قبح ما كلفنا الله بفعله وجب القطع ببطلانه.