تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و
  قيل: وفي الاستدلال بهذين الوجهين نظر؛ لأن التوبة لا تجب عقلاً إلا بعد ثبوت استحقاق العقاب على المعصية، فالاستدلال بوجوب التوبة منها على استحقاق العقاب دور، والأولى الاستدلال بما مرَّ من أن الموجب للثواب والعقاب المعصية والطاعة، ولا تأثير للموافاة في الاستحقاق؛ إذ هي أجنبية عنه، فكذلك العلم بها إذ هو أجنبي عن الاستحقاق؛ وأيضاً، لو كان شرطاً لتوقف العقلاء في المدح والذم حتى يعلموا هل يوافي أم لا، والمعلوم أنهم لا يتوقفون، فدلَّ على أن استحقاق المدح والذم غير متوقف على ذلك، فكذلك الثواب والعقاب، وهذا أولى من هذين الوجهين، وكذلك ما تضمنته الجهة الثانية من الوجوه التي يمكن تركيب الاستدلال بها على إبطال هذه الجهة هي أولى. والله الموفق.
  هذا وقد استند أهل الموافاة إلى شبه: أحدها أن الوعيد إما أن يتناول من يوافي بالمعصية ومن لا يوافي، أو لا يتناول إلا من يوافي بها، إن قلتم بالأول لزمكم أن يعاقب التائب، وإلا لزم الكذب والخلف في الوعيد، وإن قلتم بالثاني فلم منعتم قولنا: إنه لا يستحق العقاب على المعصية إلا إذا وافى بها، أو علم من حاله أنه يوافي بها. وحاصل هذه الشبهة أن الموافاة لو لم تكن شرطاً هي أو العلم بها لدخل العاصي في آيات الوعيد، ولو دخل فيها لم يسقط عقابه بالتوبة؛ لأنه يؤدي إلى كذب ذلك الوعيد.