مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و

صفحة 2371 - الجزء 4

  على شرط، وكذلك الإرادة، والكراهة، والأمر، والنهي. احتج هشام وعباد بأن ذلك يقتضي أن يكون العالم شاكاً في المعلوم.

  والجواب: لا نسلم أنه يقتضي ذلك، وإنما هو دليل على علمه بالعواقب، وأن لو كان كيف كان يكون؛ ألا تري أنه من الوجه الذي نعلمه لا مجال للشك فيه، نحو: أن يعلم أن زيداً لو آمن لأثابه الله تعالى، وإن كان المعلوم أنه لا يؤمن، فالوجه الذي نعلمه منه هو أنه لو آمن لأثابه لا يدخله شك ولو قطع بعدم إيمانه، وعلى هذا ورد السمع، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ ...} الآية [الأعراف: ٩٦] إلى ما شاكلها في القرآن. وهذا هو حجة أبي علي في العلم، وإذا صح العلم بالشيء على شرط صح الخبر عنه كذلك.

  وأما حجته فيما عداهما فهي أنه يحسن أن يقول القائل لغيره:

  اضرب زيداً إذا أساء الأدب، فيكون آمراً بضربه بهذا الشرط ومريداً له، ويجد إرادة ذلك بهذا الشرط من نفسه. لا يقال هذه الإرادة لا مراد لها؛ لأنا نقول: لو جاز ذلك مع أن الضرب ممكن حدوثه لجاز أن يقال كذلك في كل إرادة، وأيضاً، إنا نجد من أنفسنا الفرق بين هذا المراد وبين مراد آخر، كما نجد الفرق بين المرادين إذا لم يكونا مشروطين، فكما أن الإرادة إذا لم تكن مشروطة يجب أن تكون متعلقة بمراد كذلك إذا كانت مشروطة؛ لعدم الفارق، والسمع قد ورد بذلك - أعني بتعليق الأمر على شرط - فإنه أمر بالواجبات