تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها و
  بشرط الاستطاعة وأوجب علينا إرادة ذلك؛ لأنه كلفنا أن نقصد بها عبادته، وهذه الإرادة مشروطة أيضاً بالاستطاعة.
  احتج أبو هاشم على أن الوعد والوعيد لم يجز أن يتعلقا على شرط بأن الوعد يتضمن الترغيب، والترغيب يدل على إرادة ما رغب فيه، والوعيد يتضمن الزجر، والزجر يدل على كراهة ما زجر عنه، والإرادة والكراهة لا يتعلقان بالشيء على شرط عنده، وهذه الحجة إنما هي جواب عما ألزم به أبو هاشم من المناقضة؛ لأنه إذا جاز في الخبر أن يتعلق بالشيء على شرط جاز في الوعد والوعيد مثله؛ لأنهما خبران، فأجيب بما ذكر.
  والجواب أن ذلك ليس بعذر له؛ لأن الإرادة المتعلقة بالطاعة منفصلة عن الوعد، ولا تعلق لها به، ولا يلزم من عدم تعلق الإرادة بالمراد على شرط أن لا يتعلق الوعد بالشيء على شرط.
  واحتج أيضاً بأن الوعد والوعيد جاريان مجرى الأمر والنهي، وهما لا يتعلقان عنده كما مرَّ فكذلك ما أجري مجراهما.
  والجواب أنا لا نسلم عدم تعلق الأمر والنهي، وقد مرَّ الدليل على تعلقهما؛ سلمنا، فلا جامع بينهما وبين الوعد والوعيد؛ لأنهما من الإنشاءات، وهذان من جملة الأخبار، فيجب إلحاقهما بسائر الأخبار.
  واحتج على عدم تعلق الإرادة والكراهة بالشيء على شرط بأن ذلك الشرط إما أن يكون شرطً في وجود الإرادة وفي تعلقها