الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد
  فهلا جعلتم تعلقها بنا من جهته، وأما تعلقها بنا لأجل الحلول فلو صح ذلك لوجب في اللون مثلها؛ لأن الحلول ثابت فيه، والمعلوم خلافه.
  وقال الإمام (المهدي) # في جواب هذا السؤال: التحقيق أنا لم نستدل على ذلك بمطابقة الفعل للداعي لانتفائه عند الكراهة، وإنما دليلنا في التحقيق هو علمنا ضرورة أنا متى أردنا الفعل ولا مانع وقع لا محالة، ومتى كرهناه لم نواقعه لا محالة، وعلمنا ذلك مستمراً، واستحال خلافه ضرورة، فعرفنا أن وجوده متعلق بنا لا بغيرنا؛ إذ لو جوزنا تعلقه بغيرنا لم يمكنا القطع باستمراره في كل حال لجواز أن لا يختاره ذلك الغير عند أن يدعونا إليه الداعي، فلما علمنا ضرورة استمراره في كل حال، واستحالة تعذره دلنا ذلك على أن وجوده متعلق بنا دون غيرنا، يزيده وضوحاً أنه يستحيل أن يحاول وجودها ولا توجد مع عدم المانع، أو نكره وجودها ثم توجد على حد إيجادها مع الاختيار، فلما علمنا استحالة ذلك في كل حال، وعلمنا أنا لو جوزنا تعلقها بغيرنا استحال ثبوت هذا العلم لتجويز أن لا يختارها ذلك الغير، علمنا أن وجودها إنما يكون بتأثيرنا لا بتأثير غيرنا، وبهذا يبطل القول بأن المعلوم وقوفها على دواعينا دون كوننا الموجدين لها مستنداً إلى أنه يجوز أن يخلق الله فينا علماً ضرورياً بأنه سيقع كذا، وأنه لا يقع كذا وإن لم نعلمه كطلوع الشمس غداً؛ لأنا نقول: يجوز أن لا يخلق الله ذلك العلم في بعض الأحوال.
  وهاهنا سؤال حكاه (النجري) وهو أن يقال: الفعل إنما يدور