المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  من نفسه، ويدرك التفرقة البديهية بينه وبين علمه وقدرته، وألمه ولذته، قال: وإذا كان الأمر كذلك لم يكن تصور ماهيتها محتاجاً إلى التعريف.
  قلت: وكذلك يقال في الكراهة.
  وأما المريد والكاره، فقال السيد مانكديم وغيره: لا يفتقران إلى تحديد؛ لأنهما أظهر من أن يحدًّا، فإن العاقل إذا رجع إلى نفسه فصلبين أن يكون على هذه الصفة وبين أن لا يكون عليها، وأجلى الأمور ما وجد من النفس، وقد يعلم ذلك ضرورة من غيره(١).
  وقيل: بل يفتقران إلى الحد؛ لأنهما وإن علما جملة فلا يعلمان تفصيلاً إلا بالحد؛ إذ العلم الجملي لا يغني عن الحد، كما أن كون الحي حياً وكونه قادراً وعالمً معلوم ضرورة على الجملة لا يغني عن الحد؛ ثم اختلفوا في الحد، فقيل: المريد هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه الفعل على وجه دون وجه، والكاره هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه إيقاع كلامه نهياً أو نحوه(٢). وأورد على حد المريد اعتراضان:
  أحدهما: أن قولنا: (مريد) أظهر من هذا الحد، ومن حق الحد أن يكون أظهر من المحدود.
  وأجيب: بأنك إذا أردت أنه أظهر منه على سبيل الجملة فذلك
(١) أي يعلم ضرورة أن غيره مريد أو كاره. تمت مؤلف.
(٢) كالتهديد. تمت مؤلف.