مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2424 - الجزء 4

  قلت: قد مرَّ في الثانية من مسائل قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٧] عن الهادي # أن الله تعالى يوصف بأنه مريد وكاره على الحقيقة، وهو من يقول بأن إرادة الله هي نفس مراده.

  هذا، وأما أبو الهذيل فيمكن أن يحتج له بالظواهر، وهي أن الله تعالى قد نسب فعل الإرادة إلى نفسه، وذلك يدلُّ على أنه الذي فعلها لنفسه.

  والجواب أنه قد أثبتها معنى محدثاً، فإما أن يقول: هي قائمة بذات الباري تعالى لزم أن يكون الباري تعالى محلاً للحوادث، أو بغيره، فإما أن يكون ذلك الغير في العالم أو خارجه، الأول لا قائل به، ويستلزم الحاجة، والثاني لا يعقل.

  احتج القائلون برجوعها إلى الداعي بما مرَّ في الموضع الأول، ويجاب بما مرَّ هنا. احتج القائلون بأن الله تعالى مريد على الحقيقة، أي حاصل على مثل صفة الواحد منا بوجهين: أولهما: في الاستدلال على صحة هذه الصفة في حقه تعالى، والثاني: في الاستدلال على ثبوت هذه الصفة في حقه تعالى.

  أما الوجه الأول فقالوا: الذي يدلُّ على صحة هذه الصفة عليه جل وعلا أن من حق كل حي أن يصح منه إيقاع الفعل على وجهٍ دون وجه، وكل من صح منه ذلك صح أن يكون مريداً وكارهاً، لأنهما اللذان يؤثران في وقوع الفعل كذلك.