مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2427 - الجزء 4

  بموجب ذلك إذ لم ننفِ صحة وصفه بكونه مريداً، ولم نمنع من إثبات الإرادة له، لكنا جعلناها نفس المراد، لما مرَّ من استحالة الإرادة الحقيقية التي هي النية والضمير عليه.

  فإن قيل: ما احتج به المخالف من قوله: أنه تعالى إذا قال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}⁣[الفتح: ٢٩] فإنه لا ينصرف إلى ابن عبد الله إلا بالإرادة دليل واضح قوي على كون الإرادة معنى؛ إذ لو جعلناها نفس المراد، والمراد هو هذا الخبر - لأدى إلى أن لا ينصرف إلى ابن عبد الله إلا بنفس قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}⁣[الفتح: ٢٩]، فيكون هذا اللفظ هو الذي يصرف نفسه إلى ابن عبد الله، وهذا معلوم البطلان؛ إذ الشيء لا يصرف نفسه.

  قيل: لا نسلم تأديته إلى ذلك؛ لأنا نستدل على أن المراد به ابن عبد الله بالقرائن الدالة على ذلك، ولا يحتاج إلى المعنى الذي ذكرتموه، كما أنه لا طريق لنا إلى معرفة المراد من خطاب المخلوقين إلا ذلك؛ لأنا لا نعلم ما في الصدور؛ ولهذا قلتم: إن إيجاد الكلام على الوجوه المختلفة إنما يدل على كون الواحد منا مريداً إذا ثبتت عصمته، فأما من لم تثبت عصمته فلا يحكم بأنه مريد، إلا إذا لم يكن ملغزاً علينا ولا ملبساً، والمعلوم أنا لا نعلم أنه غير ملغز ولا ملبس إلا بالقرائن والدلائل الخارجية، فإن كان نحو هذا الكلام إذا صدر ممن يجوز عليه الضمير والنية لا يعرف انصرافه إلى المراد به إلا بالقرائن فبالأولى فيمن لا يوصف بعرض من الأعراض.

  واعلم أن الكلام في الكراهة في حق الله تعالى كالكلام في الإرادة؛