مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد

صفحة 234 - الجزء 1

  من أنهم جند إبليس، وشهود الزور، ولولا خوف ارتكاب المحظور بعدم الجواب عليه لما ذكرته.

  إذا عرفت هذا فاعلم أن هذا الرجل من فحول العلماء، وممن لا تخفى عليه دلالات الألفاظ ومعانيها، إلا أنه كثير المغالطة والتعصب لأصحابه وإن كان مخالفاً لهم في كثير من المسائل كما سيأتي بيانه.

  والجواب: إنه إن أراد بقوله إن الكل من الله وبالله ما تقدم من أن المطلوب بالاستعاذة اللطف الذي يكون بالمعونة والتسديد ونحوهما فهو حق، وإن أراد أن الشر الواقع من الشيطان من الإغواء ونحوه من الله تعالى لا فعل للشيطان فيه، فهو الجبر، وقد تقدم من الأدلة العقلية على بطلانه ما فيه كفاية، وطابقها على ذلك كتاب الله وسنة نبيه ÷، وكلمات عترته، وأصحابه، وصالحي أمته.

  وأما الحديث الذي أورده فهو حجة عليه لا له، وبيان ذلك أن قوله: أعوذ اعتراف بكون المستعيذ فاعلاً لتلك الاستعاذة، وقوله: برضاك من سخطك أصرح في الدلالة؛ لأن السخط لا يكون إلا على المعصية، فإن كانت المعصية من فعل الله تعالى فكيف يسخط على عبده بسبب فعله، وإن كانت من فعل المستعيذ فهو المطلوب، وكذا القول في قوله: وأعوذ بعفوك من غضبك.

  فإن قلت: فما معنى استعاذة النبي ÷ من السخط والغضب؟

  قلت: ذلك منه ÷ مثل طلب المغفرة مع أنه مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وذلك للتأدب وإظهار العبودية، ويجوز أن يكون المراد