مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2428 - الجزء 4

  لأن دليل الكراهة هو النهي، وهي عند أهل القول الأول نفس الكراهة، وعند القائلين برجوعها إلى الصارف هو ما علمه تعالى من المفسدة في فعل المنهي، وعند الآخرين هي معنى مؤثر في كون الكلام نهياً لا تهديداً، من حيث أنه في النهي كاره لما تناولته الصيغة دون التهديد؛ إلا أن المجبرة وإن أثبتوا الإرادة معنى في حق الباري فهم لا يثبتون الكراهة معنى في حقه تعالى، بل نفوها وقالوا: معناها فيحق الله سبحانه عدم الإرادة.

الموضع الثالث في كيفية استحقاقه تعالى لهذه الصفة

  والخلاف في هذا الموضع إنما هو بين من أثبت له تعالى صفة المريدية، والكراهة مزيتين زائدتين، ولم يجعلهما نفس المراد، ولا الداعي والصارف، فقال أكثر المعتزلة: هو تعالى مريد بإرادة محدثة، ووافقهم بعض أصحابنا، منهم السيد مانكديم، والإمام المهدي، والقرشي، فهو يستحق هذه الصفة عندهم بمعنى محدث، كالشاهد.

  وقالت الكلابية والأشعرية: بل يستحقها لمعنى قديم، كما قالوا في القدرة والعلم والحياة، إلا أنه قد مرَّ عن المجبرة أنهم لا يثبتون الكراهة معنى، فلا يكون خلافهم هنا إلا في الإرادة.

  وفي (الغياصة) عن الأشعرية: أنهم يقولون في كونه كارهاً كما يقولون في الإرادة، يعني أنه يستحق هذه الصفة لمعنى قديم هو الكراهة، ولعله وهم في ذلك. والله أعلم.