مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2430 - الجزء 4

  أن يراد؛ إذ لا اختصاص، وإرادته تعالى لجميع المرادات محال، فما أدى إليه يجب أن يكون باطلاً.

  فإن قيل: ما الدليل على أن ذاته والمعنى القديم مع جميع المرادات علي سواء؟

  قيل: دليله عالميته تعالى؛ فإنه لما كان عالماً لذاته، وكانت المعلومات على سواء كان عالماً بجميعها.

  فإن قيل: أليس الله تعالى قادراً لذاته ولم تتعلق قادريته تعالى بجميع المقدورات عندكم؛ إذ لا تتعلق بأعيان مقدوراتنا، مع كونها مما يصح تعلق القادرية بها، فهلا جاز مثله في الإرادة؟

  قيل: أما من يصحح مقدوراً بين قادرين من أصحابنا فلا يرد عليه هذا، وأما المانعون منه فأجابوا بأن بين الموضعين فرقا، وهو أن المقدورات مقصورة على بعض القادرين دون بعض، حتى لا يجوز في مقدور زيد أن يكون مقدوراً لعمرو؛ لأن ذلك يؤدي إلى المحال؛ ألا ترى أنه لو دعا أحدهما الداعي إلى إيجاد أمر، ودعا آخر إلى عدمٍ إيجاده للزم على القول بجواز مقدور بين قادرين أن يكون موجودا معدوماً في حالة واحدة، وذلك محال، وقادرية القديم تعالى لا تتعلق بالمحالات.

  قال الإمام المهدي: قادريته سبحانه متعلقة بكل الممكنات، ولا يجب تعلقها بالمحالات؛ لأنه لا يصح في أي قادرية أن تتعلق بالمحال، ومن جملة المحالات تعلق قادريتين بمقدور واحد، فكل ممكن قد تعلقت به