مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2431 - الجزء 4

  قادرية صار تعلق غيرها به محالاً، فلما كان ذلك محالاً ظهر لك عموم قادريته سبحانه لكل الممكنات، ولا يصح تعلقها بالمحال.

  قال السيد مانكديم: وليس كذلك المرادات فإنها غير مقصورة على مريد دون مريد، يعني أنه يصح أن تتعلق إرادتان لريدين بمراد واحد. قال #: حتى ما من مراد إلا وكما يصح أن يريده زيد يصح أن يريده عمرو. فصح أنه لو كان مريداً لذاته أو لمعنى قديم لوجب أن يكون مريداً لجميع المرادات، كما أنه لما كان عالماً لذاته كان عالماً بجميع المعلومات، وإرادته تعالى لجميع المرادات محال؛ لأنه يلزم عليه مفاسد كثيرة: ومنها: أنه يلزم أن أحدنا إذا أراد شيئاً من الأموال والبنين أن يقع؛ لأنه مراد الله تعالى، لا سيما على مذهب الأشعرية⁣(⁣١) والنجارية، من أن ما يريده الله تعالى فهو واقع لا محالة، مطلقاً⁣(⁣٢)، وإلا كان عاجزاً؛ وكذلك يلزم أن يوجد ما يصح أن يريده الواحد منا.

  ومنها: أنه يلزم أن يكون مريداً للإيمان من الكافر والكفر من المؤمن؛ لأن ذلك مما تصح إرادته.

  ومنها: أنه يلزم أن لا يكره شيئاً قط؛ لأن كل ما يكرهه فهو مما يصح أن يراد.

  ومنها: أنه كان يجب أن يوجد من المرادات أكثر مما أوجد؛ لأنه تعالى يصح أن يريد أكثر، وإذا صح وجب أن يريده، وإذا وجب أن يريده وجب حصوله لا محالة.


(١) وأما بشر فلا يلزمه ذلك؛ لأنه لا يقول بقولهم. تمت مؤلف.

(٢) أي سواء كان من مقدوراته أم من مقدوراتنا. تمت مؤلف.