تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  واحد منهما وعدم وجوده؛ لأنه مريد لذاته وهي معهما(١) على سواء. وأيضاً لو كان مريدًا لذاته - والمرادات غير محصورة - لوجب أن يريد كل واحد من الضدين على وجه يصح أن يراد عليه، فيريد كل واحد منهما أن يكون وأن لا يكون.
  فإن قيل: إرادته لأحدهما يحيل كونه مريداً لضده.
  قيل: لا يكون بإرادة أحدهما أحق من إرادة الآخر مع كونه مريداً لذاته، فثبت ما قررناه أنه تعالى لو كان مريدًا لذاته لوجب أن يكون مريداً لوجود الضدين، ولو أراد وجودهما لوجب حصوله لما مرَّ، ووجود الضدين محال، فما أدى إليه وهو القول بأنه مريد لذاته يجب أن يكون محالاً لما تقرر من أن ما أدى إلى المحال فهو محال، وتلخيص هذه الجملة أن نقول: متى أراد الضدين فإما أن يوجدا معاً وهو محال، وإما أن لا يوجدا معاً وفيه تخلف مراده وهو محال عندهم، وإما أن يوجد أحدهما ولا مخصص؛ فلم يبقَ إلا القول ببطلان كونه مريداً لذاته.
  ومنها: أنه يلزم على القول بأنه مريد لذاته أن يريد سائر القبائح، وذلك صفة نقص، والخصم يمنع من وصفه بذلك.
  فإن قيل: إنما يكون صفة نقص في الشاهد؛ لأنه مريد بمعنى وهو الإرادة، بخلاف الباري تعالى فإنه مريد لذاته.
(١) أي مع الوجود وعدمه. تمت مؤلف.