مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2448 - الجزء 4

  أجاب الأصحاب بأن المرجح من فعل العبد وهو إرادته، ودفعوا التسلسل بأن الإرادة لا تحتاج إلى إرادة كما حققنا ذلك في المقدمة، وفي قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧] فيقال للسيد حميدان، والإمام القاسم بن محمد: إرادة العبد لا تخلو إما أن تكون مرادة فيلزم التسلسل، أو غير مرادة فيلزم العبث، وحينئذٍ يبقى ما أورده علينا المجبرة من الإشكال لا جواب عليه، ولا محيص لهما عن هذا الإشكال إلا بالتزام كون الإرادة لا تحتاج إلى إرادة؛ فإن ادعى مدع فرقاً بين إرادة العبد وبين إرادة الباري فقال: إرادة العبد لا تحتاج، بخلاف إرادة الباري فإنها لو كانت معنى لاحتاجت إلى إرادة، فما ذلك الفرق وما دليله؟

  فإن قيل: ما أورده الأئمة $ إنما يقتضي نفي كون الإرادة معنى، وليس فيه ما يدل على أنها نفس المراد، وحينئذٍ فلقائل أن يقول: لا نسلم أن الإرادة ما ذكره الأئمة $ ولا دليل عليه.

  قيل: إنما ألجأهم إلى القول بذلك أنه قد ثبت أنها لا تكون معنى، فلم يبقَ إلا أن يكون عدماً محضاً، أو نفس المراد من باب إطلاق السبب على المسبب؛ لأن الإرادة لما كانت سبباً في إيجاد المراد وإحداثه صح إطلاقها عليه.

  واعلم أنه قد ذهب بعض أئمتنا $ إلى أنه لا يجب العلم بكيفية الإرادة، منهم: الإمام أحمد بن الحسين، والإمام الحسن بن بدر الدين وغيرهما.