تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  قال الإمام الحسن بن بدر الدين: لا يجب علينا إلا أن نعلم أن الله تعالى يريد الحسن ويكره القبيح، ولا يجب علينا العلم بكيفية الإرادة، ولا لماذا كان مريداً، فتكلف العلم بما لا يجب علينا العلم به لا يصلح.
  وقال الإمام شرف الدين: لا يجب معرفة الإرادة، ولا لماذا كان مريداً جملة ولا تفصيلاً بالدليل العقلي، بل الإيمان الجملي بالسمع في ذلك كافٍ في الجملة، ولا يجب معرفة كونه مريداً حقيقة.
  وقال الهادي بن إبراهيم: تكلفوا في إرادة الباري تعالى وكراهيته كلاماً لم يرد به برهان، ولم يدل عليه قرآن. وهذا اختيار السيد محمد بن عز الدين المفتي، وهو الظاهر من كلام الإمام الحسن بن يحيى القاسمي في البحث السديد، وقال فيه: روي أن شيوخ المعتزلة إلى زمن أبي هاشم لم ينصوا على إثبات الصفات، ولا على نفيها.
  وقال ابن لقمان في (شرح الأساس): الذي أرى والله أعلم أن الوقف في الإرادة على ما دلَّ عليه الدليل هو الأولى، بل الواجب؛ والذي قد دلَّ عليه الدليل القاطع هو كونه تعالى مريداً، وأما تعيين الإرادة فلم يقم عليه دليل قاطع، وهي مسألة علمية، والمسائل العلمية إنما يعمل فيها بالدليل القاطع؛ لأنه الذي يفيد العلم. قال: فلما لم يقم عليها دليل قاطع علمنا أن الله تعالى غير مكلف لنا بمعرفتها؛ إذ لو كلفنا بمعرفتها ولم ينصب عليها دليلاً قاطعاً وهو يطلب منا فيها العلم لكان قد كلفنا فيها ما لا يطاق، والله يتعالى عن ذلك.
  وأما ما ذكر من الأدلة فغاية ما تفيده الظن، وهو لا يكفي في ذلك؛