المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  ذاته تعالى؛ لأن ذاته تعالى قائمة بنفسها لا بغيرها، وقالوا: ليست بعضه تعالى؛ لأنه ليس بذي أبعاض ولا غيره، وإلا لكان العلم بها من دونه ممكناً. فلم تكن قائمة به أي تابعة له في تقويمها وجوداً وعلماً، فهذا تحقيق مذهب الأشعرية في المعاني التي وصفوها بالقدم، وحاصله أن معنى قولهم: إنها قائمة بذات الباري تعالى أنها تابعة للذات في وجودها والعلم بها.
  هذا وأما سائر الصفاتية فمنهم من يقول: صفات الله تعالى الذاتية عندهم لا توصف بقدم، ولا حدوث، ولا وجود، ولا عدم، وإن كانت عندهم معاني، وهذا قول الكلابية، ويروى عنهم أنهم إنما يقولون ذلك في العلم، ومنهم من يقول: إن تلك المعاني غير الله تعالى، ويصرحون بأنها قائمة بذاته على وجه الحلول. وإنما تكلمنا على تفصيل مذاهب هؤلاء؛ لأنا قد جمعنا الحكاية عنهم في كون الإرادة معنى قائماً بالذات، فاحتجنا إلى تفسير معنى القيام، وبيان اختلافهم فيه.
  وقالت الرافضة وهم هشام بن الحكم وأتباعه: بل إرادته تعالى حركة لا هي الله ولا هي غيره.
  قال الإمام المهدي: يحتمل أنهم عبروا بالحركة عن الصفة، فيكون قولهم كقول النجارية إن جعلوها أزلية، وإن جعلوها متجددة - كما هو الظاهر - فهو قول مستقل، ويحتمل أنهم عبروا بها عن المعنى فيكون كقول الأشعرية إن جعلوه قديماً، وإن جعلوه محدثاً غير موجب، فكقول أبي الهذيل، وإن جعلوه موجباً فكقولنا.