مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2452 - الجزء 4

  وقال النجري: يحتمل أن يريدوا الحركة على حقيقتها بناء على القول بالتجسيم، وإِن يريدوا بأنها صفة المريدية التي أثبتها غيرهم فيكون خطأً في العبارة فقط.

  وقال الحضرمي، وعلي بن مَيثم: بل هي حركة في غيره سبحانه.

  احتج الأولون بأنه قد ثبت بما مرَّ أن الله تعالى مريد بإرادة محدثة، وهذه الإرادة لا يجوز أن تحل في الباري تعالى لاستحالة أن يكون جل وعلا محلاً للحوادث؛ إذ ليس بجسم، على ما يأتي بيانه إن شاء الله، والحلول فرع على التحيز، والتحيز فرع على الجسمية. ولا يجوز أن تكون حالة في غيره؛ لأن ذلك الغير لا يخلو إما أن يكون عرضاً أو جسماً. لا يجوز أن يكون عرضاً؛ لأن من شرط المحل التحيز كما ذكرنا، وإن كان جسماً فلا يخلو إما أن يكون جماداً أو حياً، لا يصح أن يكون جماداً؛ لأن المصحح لوجود الإرادة الحياة، ولا حياة في الجماد، ولذا أطلق أصحابنا القول باستحالة وجود الإرادة فيه، وأيضاً لو قيل بصحة وجودها فيه للزم محالان:

  أحدهما: أن يكون الجماد مريداً فيتأتى منه وقوع الفعل على الوجوه المختلفة، والمعلوم استحالة ذلك.

  ثانيهما: أنه يؤدي إلى أن لا توجب صفِة فتنقلب ذاتها؛ لأن الإيجاب مأخوذ في حدها وبيان ماهيتها كما مرَّ، فهو حكم ذاتي لها⁣(⁣١).


(١) عبارة الغياصة وإن لم يكن حياً خرجت عن كونها موجبة لصفة أصلاً وهو محال؛ إذ من حق العلة أن تحصل الصفة الموجبة عنها عند وجودها. تمت مؤلف.