مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2453 - الجزء 4

  فإن قيل: ما المانع من إيجابها؟

  قيل: لأن إيجابها إما لمحلها الذي هو الجماد أو لغيره، لا يصح إيجابها لاستحالة موجبها عليه كما بينا، ولا يصح أن توجب لغيره؛ لأنها إما توجب لنا ولا اختصاص لها بنا؛ لعدم حلولها فينا والباري تعالى، فكذلك إذا لم توجد على حد وجود الباري تعالى فلم تختص به، وإيجابها من دون أن تختص محال. وأيضاً لو صح أن توجب للباري تعالى والحال هذه صح أن توجب لنا؛ إذ ليس بأولى منا؛ لأنها معه سبحانه وتعالى ومعنا على سواء، فثبت أنه لا يصح حلولها في جماد. وكذلك لا يصح حلولها في حي؛ لأنها غير مختصة بالباري تعالى، فهي بالإيجاب لمن اختصت به أولى؛ فلم يبق إلا أن تكون لا في محل.

  فإن قيل: كيف يوجد عرض لا في محل؟

  قيل: قد مرَّ في الفاتحة أن من الأعراض ما لا يحتاج إلى محل.

  فإن قيل: هذا محال؛ إذ لا يعقل عرض لا في محل كما في الألوان، والأكوان وغيرها.

  قيل: هذا قياس لبعض الأعراض على بعض بلا علة جامعة، إلا مجرد الوجدان، وهو أنكم لم تجدوا عرضاً في غير محل ولم تعلموه، وهذه الطريقة لا يعتمد عليها كما مرَّ في السابعة من مسائل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} على أن الفناء من جملة الأعراض، وهو موجود لا في محل.