مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2456 - الجزء 4

  الاختراع في حال، ولو صح لم يعلم ضرورة تعذر ذلك منا في كل حال، وإذا كان واجباً لها استلزم افتقارها إلى المحل.

  وأما الحياة فلأنه لا يصح منا الإدراك لها إلا بعد استعمال محلها في المدرك وجهته ضرباً من الاستعمال. فكانت كالقدرة.

  وأما النظر فلأنه لو وجد لا في محل فإما أن لا يوجب صفة، وفي ذلك انقلاب جنسه، أو يوجبها لنا فليس بمختص بنا، أو للقديم تعالى لزم جواز الشك عليه وهو محال. وهكذا يقال في الشهوة والنفرة. والثاني وهو ما يؤدي إلى انقلاب غيره فكالعلم؛ لأنه لو وجد لا في محل فإما أن يوجب صفة للباري تعالى لزم منه جواز الجهل عليه تعالى فيخرج عن صفته الذاتية وهي العالمية، أو لا يوجب صفة رأساً لزم انقلاب ذاته، فافتقر إلى المحل؛ لتأدية خلافه إلى انقلاب ذات القديم جلَّ وعلا، وانقلاب ذات العلم نفسه.

  فإن قيل: إذا لم تكن إرادته تعالى لا في محل لم تكن بأن توجب للقديم تعالى بأولى من أن توجب لنا؛ لعدم الاختصاص.

  قيل: بل توجب له؛ لاختصاصها به، غاية ما يمكن من الاختصاص وهو وجودها على حد وجوده؛ إذ كل منهما لا في محل، ولا توجب لأحدنا؛ لأن غاية الاختصاص في حقنا الحلول فينا، وهو ممكن، فَلَمَّا لم تحل فينا لم يصح أن توجب لنا.

  فإن قيل: لا نسلم أن وجود الإرادة على حد وجود الباري تعالى يستلزم أن توجب له وتختص به، فإن الفناء كذلك مع أنه