مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد

صفحة 237 - الجزء 1

  وأما قولهم: إن إثبات المحدث في الغائب مبني على إثبات المحدث في الشاهد، فلا يصح إلا لو لم نجد طريقاً إلى معرفة المحدث في الغائب سوى هذه الطريقة، والمعلوم أنه يمكننا إثباته بغيرها كدليل التمكن⁣(⁣١) ونحو قول بعض الأصحاب إن الجسم حصل في جهة مع جواز أن يحصل في غيرها والحال⁣(⁣٢) واحد والشرط واحد، فلا بد من مؤثر، ثم نستدل على أن ذلك المؤثر ليس بموجب، فيلزم أن يكون مختاراً، فيثبت المحدث في الغائب بغير طريقة القياس.

  إذا عرفت هذا فنقول: لا دليل على منع صحة الاستدلال بالسمع على هذه المسألة، بل قام الدليل على صحة ذلك، قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٣٨] {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩] {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}⁣[الإسراء: ٩] ونحوها ولم يفصل.

  وقال النبي ÷: «من أخذ دينه عن التفكر في كتاب الله والتدبر لسنتي زالت الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه ذهب به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين الله على أعظم زوال» ونحو ذلك كثير في كلام قدماء الأئمة $ ما يؤيد هذا، وقد شحن القاسم، والهادي @ كتبهما من الاستدلال على هذه المسألة بعينها بآيات القرآن الكريم.

  ومن كلام (القاسم بن إبراهيم) # في كتاب (الرد على المجبرة):


(١) الذي ذكره في الأساس. تمت مؤلف.

(٢) المراد بالحال التميز وبالشرط الوجود وكلاهما ثابت في الحالين، تمت مؤلف.