مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2461 - الجزء 4

  وذلك هو وجه قبحها. ولقائل أن يقول: إذا تعلق بالمكروه غرض صحيح خرج عن الكراهة، وكلام الأصحاب إنما هو فيما بقي فيه وجه الكراهة. فلا وجه لاعتراض الإمام #.

  وأما ما يقبح أن يراد فهو كل قبيح أو حسن صفته ما تقدم⁣(⁣١).

  وإذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أن الأفعال ضربان: أفعال الله تعالى، وأفعال غيره:

  فأما أفعاله سبحانه وتعالى فاتفقت العدلية من أهل البيت الأشياء وغيرهم على أنه يريدها، بل رواه الإمام يحيى عن أهل القبلة كافة، ما خلا إرادته تعالى وكراهته، فإنه قد خالف في إرادتهما من أثبتهما معنى محدثاً، فقالوا: لا يجب فيه أن يكون مراداً.

  والدليل على أنه تعالى مريد لأفعاله من وجوه:

  أحدها: أنه قد اجتمع شرائط وجوب الإرادة المتقدمة، فإنه فعل أفعاله وهو عالم بها؛ لأنه عالم لذاته، ولم تفعل تبعاً لغيرها، بل هي مقصودة في نفسها، وله في فعلها غرض صحيح، نحو كونها إحسانا ولطفاً، وتمكينا، وبياناً، أو مستحقة، أو غير ذلك، ولا مانع من إرادتها؛ لأن الإرادة من جنس المقدورات، وهو قادر لذاته، فلا يجوز عليه المنع؛ فمع توفر هذه الشرائط فإنه لا بد وأن يريد فعله.

  ثانيها: أنه قد ثبت أنه تعالى حكيم، والحكيم لا يفعل ما لا يريد، وإلا كان فعله عبئاً.


(١) وهو ما تعلق بالإضرار بالنفس وإلا لم يكن عبئاً. تمت مؤلف.