مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2462 - الجزء 4

  ثالثها: أن أفعاله تعالى حكمة. وهي لا تكون كذلك إلا بالإرداة التي تخصصها بوجه دون وجه. والمراد بقولنا بوجه دون وجه كون الفعل لطفاً، أو إحساناً، أو عقاباً أو نحو ذلك.

  وأما كون إرادته تعالى وكراهته لا يحتاجان إلى إرادة عند من أثبتهما معنى محدثاً، فلعدم استكمال الشرائط المتقدمة فيهما، من حيث أنهما لا تكونان مقصودتين لذاتهما، وإنما هما تابعتان لغيرهما، وهو الفعل المراد والمكروه، فما دعا إليه دعا إليهما على ما مرَّ.

  قال السيد مانكديم: ولأنه لا فائدة في إرادتهما. قال: ولسنا نمنع من صحة إرادتهما؛ فإن ما يصح حدوثه يصح أن يراد ويكره، وهما مما يصح حدوثه.

  قال القرشي: وهذا الكلام في إرادته تعالى المتعلقة بأفعاله، فأما المتعلقة بفعل غيره فيجب أن يريدها؛ لأنها لا تفعل تبعاً لغيرها، بل لغرض يخصها.

  قال في (المعراج): وهذا قول المتأخرين، والغرض الذي يخصها هو كونها مرغبة في فعل الواجب والمندوب، وباعثة عليهما، وأوجد الكراهة أيضاً لغرض يخصها، وهو كونها زاجرة عن فعل القبيح وصارفة عنه، وكل ما فعل لغرض يخصه، وكان الفاعل له عالماً به - فإنه يجب أن يكون مراداً كما تقدم.

  وقد حكي عن قاضي القضاة أنه تعالى يريد كراهته لفعل غيره، وأما قدماء المتكلمين فأطلقوا القول بأن الله تعالى لا يريد إرادته ولا كراهته من غير فصل بين ما يتعلق بفعله، وما يتعلق بفعل غيره.