مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2487 - الجزء 4

  وأما السمع فنحو قوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر] نص في أنه لا يشاءُ بعض الكائنات، وهذا معنى التخصيص؛ وما أحسن ما قاله السيد محمد بن إبراهيم الوزير في هذا، وحاصله أنه لا دليل للخصم في ذلك إلا لو تبين بدليل آخر أن الله تعالى يشاء أن يكون العباد مجبورين على أفعالهم، لكنه قد ثبت أنه شاء أن يكونوا مختارين فيها بمشيئتهم لها لقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}⁣[الإنسان: ٣٠] ولم يقل: وما تشاءون من غير استثناء كما قال الجبرية، فقد كان الاختيار الذي شاء الله أن يكون العباد عليه، ولكن بعد مشيئة الله لذلك، ولم يكن الجبر الذي لم يشأه الله.

  الوجه الخامس: أنا نعارضهم بأمرين:

  أحدهما: إجماع المسلمين على قولهم: لا مرد لأمر الله، ثم لم يمنع ذلك من كون العصاة رادين لأمر الله بتركهم الطاعة وارتكابهم المعصية.

  فإن قالوا: المراد بهذا الأمر لما يريده الله من فعل نفسه.

  قلنا: فارضوا منا بمثله فيما شاء الله كان.

  الثاني: قول الأمة: استغفر الله من جميع ما كره الله، فإنه يدل على أنه يكره المعاصي؛ لأنها التي وقع منها الاستغفار، وعلى مذهب الخصم يلزم أن يقال: استغفر الله عما يريده الله، لا عن قولهم: عن جميع ما يكرهه الله.