مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2498 - الجزء 4

  وأنزل عليهم الكتاب، ثم قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}⁣[البقرة: ٢٠٨] فأمرهم أن يدخلوا في السلم والإيمان، ولو كان كما يقول الجاهلون: أنه هدى قوماً، وأضل قوماً ولم يهدهم لم يكن لقوله: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}⁣[البقرة: ٢٠٨] معنى، إذا كان ø بزعمهم أدخل قوماً في الإسلام، وحال بين قوم وبين الدخول في الإسلام، فما معنى قوله لقوم داخلين في الإسلام: {ادْخُلُوا} وهم داخلون، كما لا يقول لقائم: قم، وكما لا يقول لجالس: اجلس، ويقول لقوم حال بينهم وبين الدخول في الإسلام: ادخلوا، فكيف يقدرون على ذلك وهو قد حال بينهم وبين الدخول في الإسلام، كمالا يقول لمقعد: قم، ولا لأعمى: أَبُصر.

  وقال الإمام القاسم بن محمد في (الأساس): إن القول بذلك - أعني نسبة الإضلال إلى الله تعالى - بمعنى الإغواء عن طريق الحق ذم الله تعالى، وتزكية لإبليس وجنوده، وذلك كفر.

  واعلم أن الرازي قد بسط الكلام فيما نقله عن العدلية في رد ما ذهب إليه هو وحزبه، وحاصله راجع إلى ما ذكرنا، ومنه ما هو داخل في وجوه التأويل الآتية، فلا نطيل بما لا طائل تحته.

  وإذا ثبت أنه لا يجوز حمل الآية على ما تقوله وجب المصير إلى تأويلها، وردها إلى المحكم من الكتاب، ودلالة العقل؛ وقد ذكر أئمة العدل في ذلك وجوهاً:

  أحدها: أن معنى الآية الحكم عليهم بالضلال، وتسميتهم به، والشهادة به عليهم، وهو معنى شائع في اللغة، وقد مرَّ الاستشهاد عليه