تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  في قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ ٧}[الفاتحة]، ومن شواهده قول طرفة(١):
  وما زال شربي الراح حتى أضلني ... صديقي وحتى ساءني بعض ذلكا
  أراد سماني ضالاً، وهذا الوجه ذكره القاسم بن إبراهيم، والهادي، والناصر، وذهب إليه قطرب، وكثير من المعتزلة، وقال الإمام المهدي: هو أصح المعاني في الآية. أي يحكم بضلالهم بحسب مخالفتهم إياه؛ لأن الضمير راجع للقرآن، وهو لا يضل به أحداً، بل يهتدي به، فكأنه سبحانه أراد أنه يحكم بضلال كثير من الناس بسبب القرآن. حيث لم يهتدوا به.
  قلت: وفي رجوع الضمير للقرآن نظر، والظاهر رجوعه إلى المثل، وعليه أئمة التفسير، فكأنه تعالى أراد بالمثل ظهور ما علمه من ضلالهم؛ ليصح الحكم عليهم به، وتسميتهم ضالين؛ لأن ذلك لا يصح قبل ظهور الضلال.
  واعترضه الرازي بأمرين:
  أحدهما: حكاه عن غيره، وهو أن من أهل اللغة من أنكر هذا الوجه، وقال: إنما يقال: ضللته تضليلاً إذا سميته ضالاً، كما يقال: فسقته؛ إذا سميته فاسقاً، ولا يقال: أضله بمعنى سماه ضالاً وحكم عليه بالضلال.
  ثانيهما: أن الله تعالى إذا سماه بذلك وحكم به عليه امتنع تخلفه،
(١) طرفة بن العبد.