مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2502 - الجزء 4

  وأن يحصل الوجوب، وحينئذٍ يحصل الجبر وهو قبيح عندكم، فما أدى إليه يجب أن يقبح.

  فإن قلتم: لا نسلم أنه يحصل الوجوب عند الرجحان.

  قلنا: فأنتم توافقون في أنه ينبغي أن يكون المكلف مزاح العلة والعذر، وإنزال هذه المتشابهات مع أن لها أثراً في ترجيح المعصية كالعذر للمكلف في عدم فعل الطاعة: فوجب أن تقبح. وأما إن لم يكن لها أثره فهي أجنبية عن الضلال، فلا تصح نسبته إليها، كمالا ينسب إلى صرير الباب ونغيق الغراب.

  قلت: وكان عليه أن يزيد، وإذا لم تصح نسبته إليها فلا تصح نسبته إلى فاعلها؛ لأن النسبة إليه فرع على صحة النسبة إليها، ولأنه أجنبي عن الضلال مع عدم الأثر مثلها.

  والجواب: أنا لا نسلم أن القول بالمرجح يوجب وقوع الفعل، سواء كان الفعل طاعة أم معصية، وقد استوفينا الرد على الرازي في السادسة من مسائل المقدمةً، وفي السابعة من مسائل الآية التي ذكرها، وإذا بطل ذلك بطل ما رتبه عليه من لزوم الجبر الذي ألزمنا لأجله قبح إنزال المتشابه.

  وأما قوله: إنه ينبغي أن يكون المكلف مزاح العلة، فمسلم؛ لكن لا نسلم أن إنزال المتشابه يكون عذراً للمكلف في ترك الطاعة، وإنما الجأهم إلى القول بذلك جهلهم بالحكمة في إنزاله، أو تجاهلهم لأجل عنادهم، وهي زيادة المشقة في التكليف والابتلاء، كما سيأتي بيانه