مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2505 - الجزء 4

  تكلف وجهٍ لحسن ذلك، وترك الوجه المنصوص عليه، وهو العقوبة، ورجحه ابن جرير، ورواه عن بعض الصحابة، قال: حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ÷ {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا} يعني المنافقين، {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}⁣[البقرة: ٢٦]، يعني المؤمنين، قال ابن جرير: فيزيد هؤلاء ضلالًا إلى ضلالهم لتكذيبهم بما قد علموه حقاً يقيناً من المثل الذي ضرب الله {وَيَهْدِي بِهِ} يعني بالمثل كثيراً من أهل الإيمان والتصديق، فيزيدهم هديً إلى هداهم، وإيماناً إلى إيمانهم؛ لتصديقهم بما قد علموه حقاً يقيناً أنه موافق ما ضربه الله له مثلاً، وإقرارهم به، وذلك هداية من الله لهم به. واستدل هؤلاء بظواهر آيات كثيرة، جعل ما نسب إلى الله تعالى من الإضلال ونحوه فيها مرتباً على تقدم المعاصي من العبد، ترتب المسبب على سببه، كقوله تعالى: {طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}⁣[النساء: ١٥٥] {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}⁣[الصف: ٥]، {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦}⁣[البقرة] {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}⁣[الأنعام: ١١٠] {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}⁣[البقرة: ١٠]، {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١٠}⁣[الأنعام]، {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}⁣[المائدة: ١٣]، {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ٨ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ٩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ١٠}⁣[الليل]، {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا ...} إلى قوله: {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ١٦٣}⁣[الأعراف]، {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ