تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  والجواب: أن هذين التأويلين خلاف الظاهر، بل في تأويل الآية الأولى تفكيك النظم، وفي الأخرى تقدير مضاف وهو الأعمال، وكل ذلك لا ملجئ إليه، فلا يبعد المنع منه، وكذلك تأويل الآية الأخرى بالخذلان يأباه السياق ولا موجب له.
  الوجه الخامس: أن يحمل الإضلال على الإهلاك والإبطال، وهو وجه مستعمل في اللغة، وقد مرَّ في الفاتحة، ومنه يقال: أضل القوم ميتهم، إذا واروه في قبره؛ لأنه يصير بذلك في حكم المستهلك الذي قد بطل وذهب.
  قال النابغة:
  وآب مضلوه بعين خلية ... وغودر بالجولان حزم ونائل
  والمراد هنا أن الله أبطل أعمالهم، وأهلكها حتى لا ينتفعون بها.
  واعترضه الرازي بأنه لا يليق حمل الآية عليه؛ لأن قوله: {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}[البقرة: ٢٦] يمنع منه.
  والجواب: أنه لا يمنع منه إلا لو حملت الهداية على الدلالة والتوفيق، وأما إذا حملت على الإثابة والنجاة فلا. والله أعلم.
  فهذه خمسة أوجه من التأويل إذا حملنا الإضلال في الآية على الإضلال عن الدين، وأما إن لم نحمله على ذلك ففيه تأويلات أُخَر:
  أحدها: ما اعتمده أبو علي ومن وافقه وهو: أن يحمل الإضلال على الإضلال عن طريق الجنة.