مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2517 - الجزء 4

  قيل: في الحكاية عنهم جميعاً نظر، فإن الإمام الموفق بالله لم يمنع إلا إذا كان يوهم أحد الحاضرين، وقد ذكرنا كلامه بلفظه في العاشرة من مسائل (الحمد لله)، وفي الرابعة من مسائل (بسم الله)، وهذا الإمام المهدي استضعف دليل الأصحاب وهو إيهام الخطأ، وعدل إلى دليل آخر ذكره في منع إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء الله وقدره، وهو أن في الإطلاق تشبهاً بأهل الجبر؛ لأنه قد كثر ولعهم بإطلاق هذه العبارة - أعني القضاء والقدر - حتى صارت كالمختصة بهم، فلأجل ذلك يقطع سامعها بأن المتكلم بها منهم؛ لأنها قد صارت كالعلامة لهم، فيقبح من العدلي التلبس بشعارهم، كما يقبح من المسلم التلبس بلباس اليهود والنصارى لئلا يتوهم أنه منهم، ودفع التهمة واجب؛ ولهذا قال قاضي القضاة وغيره: إنه يقبح من العدلي تسمية نفسه سُنياً؛ لتسمي المجبرة بهذا الاسم وولعهم به، وإن كان أهل الإسلام كلهم سنيين، أي متبعين لسنة نبينا محمد ÷. قال #: ولعل أصحابنا إنما قصدوا هذا المعنى خلا أنهم أتوا بعبارة لا توضح مقصودهم، ومقتضى كلامه # أن ما لا يكون شعاراً للمجبرة فيجوز إطلاقه. وإن كان فيه إيهام للسامع، اكتفاء بالقرينة الخارجية⁣(⁣١)، بل قد صرح # بذلك وقال: قد أشار إليه أصحابنا؛ وذلك أنه قال بعد أن نص على أنه لا يجوز من العدلي إطلاق ما اختص به المجبرة وإن لم يحصل منه إيهام، لما مرَّ من أنه شعار خاص بهم ما لفظه: ويحسن


(١) وهو كون المتكلم عدلياً والقرائن العقلية. تمت مؤلف.