تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  عند أصحابنا تجنبه لئلا يؤدي إلى التسامح في ذلك من الجهال، وقد أشاروا إلى هذا حيث قالوا: لا يجوز إطلاق هذه العبارة، فمفهومه أنه مع التقييد الرافع للإيهام يجوز.
  قال #: والأمارات قائمة مقام التقييد، حيث تفيد فائدته. ومع ما ذكره الإمامان @(١) لا تستقيم دعوى الإجماع من العدلية، لا سيما ودلالة الكتاب، وإطلاقات السنة، والآثار العلوية قاضية بخلافه. ويمكن حمل الإجماع على ما لم تشتهر فيه القرينة الصارفة، أو على ما كان شعارًا. ومما(٢) يدل على ضعف الإجماع أن ظاهر كلام الإمام القاسم بن محمد # في (الأساس) يدل على أنه لا يمتنع الإطلاق إلا مع قصد المعنى الفاسد، وذلك أنه نص على أنه يجوز أن يقال: إن الله يضل الظالمين بمعنى يحكم عليهم، أو يهلكهم، أو يعذبهم، لا بمعنى يغويهم؛ وهكذا كلامه في كل ما ذكره في فصل المتشابه، وهذا الإمام من مشاهير أئمة العترة، المقتفين لآثار سلفهم، الحريصين على نقل مذاهبهم. ومن أراد الاحتياط لدينه، والتوثق بالعروة الوثقى فليستضيءْ بنور القرآن، ويتبعه في صفات الرحمن، فيطلق ما أطلق، ويمسك عما ليس فيه. إلا ما كان في صحيح السنة، وكلام الوصي، وأئمة الهدى أثره، فهو في حكم ما في القرآن، كما نص عليه باب مدينة العلم #، وقد مرَّ عنه # الإطلاق في مواضع، وكذلك أطلق الهادي وغيره الوجوب على الله، وهم القدوة، وبهم الأسوة.
(١) الموفق بالله، والمهدي @.
(٢) في الأصل (وجهاً) ولعل الصواب ما أُثْبِتَ. والله أعلم.