المسألة الثامنة [الهداية]
المسألة الثامنة [الهداية]
  قد تقدم ذكر معاني الهداية في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}[الفاتحة] واللبيب الحازم لا يخفى عليه المعنى اللائق بقوله تعالى: {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}[البقرة: ٢٦]، والأشبه أن تكون الهداية فيها بمعنى التوفيق واللطف، وهو اختيار الإمام القاسم بن محمد # ويكون ذلك جزاءً على أعمالهم الصالحة، وكون الهدى بمعنى التوفيق جزاء إنما هو على مذهب الهادي والناصر؛ وأما على ما ذهب إليه الإمام أحمد بن سليمان من أنه لا يكون جزاءً، بل تفضلاً فلا، ولكن إن كان وجهاً مستقلاً فهو قوي في حمل الآية عليهم وإنما اخترنا هذين الاحتمالين؛ لأن الله تعالى جعله مرتباً على تصديقهم بضرب المثل، فكأنه تعالى جعل لهم هذه الهداية بسبب إيمانهم، تفضلاً واستحقاقاً له. مع احتمال غيرها من المعاني السابقة، ما عدا ما كان بمعنى الدلالة والدعاء؛ لأن الله تعالى لم يخص بهما أحداً كما مرَّ، ولا يجوز منه ذلك مع التكليف.
  - وقالت المجبرة فيما حكاه الرازي عنهم: هاهنا وجه آخر، وهو: أن يكون الهدى بمعنى خلق الهداية والعلم، قال الله: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٢٥}[يونس].
  والجواب: أن هذا المعنى غير ثابت في اللغة؛ إذ لا يقال لمن أجبر غيره وأكرهه على سلوك طريق: إنه هداه إليه، وإنما يقال: رده إليه